سألني شاب :" لماذا أهرب من الحوار مع الفكر الخاطئ؟
أليس هذا نوع من الضعف؟ "
أجبته :كثيرًا ما يكون الهروب إحدى علامات القوة .فمن يهرب من فكر له جاذبيته يكون قويًا .هذا والحوار مع الشر لا يعرف المنطق، كما حدث في الحوار بين حواء والحية .
لنهرب من الحوار مع الشر، لأنه يشبه حوار الحمل الوديع مع الذئب المفترس .
قيل ان ذئبا كان جائعا جدا وقف عند مجرى ماء من أعلى التل وتطلع لعله يجد فريسة يلتهمها . رأى أسفل التل حملاً يشرب من المجرى . عندئذ تطلع من كل جانب فلم يجد راعي الخراف ولا الكلب الحارس لها .
رفع الذئب راسه ، إذ يعلم أن سمعته سيئة للغاية، أنه محب للافتراس،ياكل الخراف الوديعة التي لا ذنب لها .
حاول أن يبرر الذئب نفسه فتطلع إلى أسفل وقال للحمل : " إنك حمل صغير، لكنك تسلك بلا لياقة ".
سأله الحمل : " لماذا تتهمني بهذا؟ "
قال الذئب : " لأنك تشرب من المجرى، وها أنت تعكّره؛ أما تعلم أنني أشرب منه؟ !"
علق الحمل على ذلك : " أيها الاخ ذئب . انت تشرب من المجرى من أعلى وأنا أشرب من أسفل فكيف يمكنني أن أعكر الماء النازل من عندك نحوي؟ !"
كان الحمل على حق . صمت الذئب قليلاً ثم قال له :- لقد سمعت من مصدر موثوق به أنك تكلمت عني حديثًا رديئًا
- كيف أتكلم عنك برديءٍ أو صالحٍ وأنا لم أرك من قبل؟
- إذن لابد وأن يكون أخوك هو الذي تكلم ضدي .
- أيها الأخ ذئب، ليس لي أخ ولا أخت .
- إن كان ليس لك أخ ولا أخت فحتمًا لك أب يشبهك . هو الذي تكلم ضدي . لهذا فإنني انتقم منه فيك أنت ابنه .
قبل أن يفتح الحمل المسكين فمه هجم عليه الذئب وافترسه .
حقًـا لقد كانت كل إجابات الحمل تبرره، لكن كيف يتبرر أمام ذئبٍ لا يعرف إلا الافتراس . الحوار مع الذئب باطل وغير مُجدٍ